4
إلا بك، لأَنك كالغمام الذي يحيى الأَرض بعد موتها، ونحن كالنَّبتِ الذي لا حياة له بغير الغمام. وفي البيت الأخير يشبه المرقش النشر، وَهو طِيبُ رائحة منْ يصف، بالمسك، والوجوه بالدنانير، والأنامل المخضوبة بالعنم، وإذا تأَملت هذه التشبيهات رأيت أنها من نوع التشبيه المؤكد، ولكنها جمعت إلى حذف الأداة حذف وجه الشبه. وذلك لأَن المتكلم عمد إِلى المبالغة والإِغراق في ادعاء أن المشبه هو المشبه به نفْسُه. لذلك أَهمل الأَداة التي تدل على أَن المشبه أَضعفُ في وجه الشبه من المشبه به، وأَهمل ذكرَ وجه الشبه الذي ينمُ عن اشتراك الطرفين في صفة أو صفات دون غيرها. ويسمى هذا النوع بالتشبيه البليغ، وهو مظهر من مظاهر البلاغة وميدان فسيح لتسابق المجيدين من الشعراء والكتاب.
القواعد
(3) التشبيهُ الْمُرْسَلُ ما ذُكِرَتْ فِيه الأداةُ.
(4) التشبيهُ الْمُؤَكَّد ما حُذِفتْ منهُ الأَداة.
(5) التشبيهُ الْمُجْمل ما حُذِف منه وجهُ الشبهِ.
(6) التشبيهُ الْمُفَصَّلُ ما ذُكِرَ فيه وجهُ الشبهِ.
(7) التشبيه البليغُ ما حُذِفت منهُ الأَداةُ ووَجهُ الشبه [8]
نموذج
(1) قال المتنبي في مدح كافور:
وكلُّ الَّذي فَوْق الترابِ ترابُ إذا نِلت مِنْك الوُدَّ فالمالُ هَيِّنٌ
(2) وصف أعرابي رجلاً فقال:
كأنَّه النهار الزاهر والقمرُ الباهر الذي لا يخفى على كل ناظر.
(3) زرنا حديقةً كأنها الفِرْدوْسُ في الجمال والبهاء.
(4) العالِمُ سِراجُ أُمَّته في الهِداية وَتبديد الظلاَم.
الإجابـة
(1) كل الذي فوق التراب تراب بليغ حذفت الأداة ووجه الشبه
(2) مدلول الضمير في كأنه النهار الزاهر مرسل مجمل ذكرت الأداة ولم يذكر وجه الشبه
(2) مدلول الضمير في كأنه القمر الباهر مرسل مجمل ذكرت الأداة ولم يذكر وجه الشبه
(3) الضمير في كأنه العائد على الحديقة الفردوس مرسل مفصل ذكرت الأداة ووجه الشبه
(4) العالم سراج مؤكد مفصل حذفت الأداة وذكر وجه الشبه
بيِّن كل نوع من أَنواع التشبيه فيما يأْتي:
قال المتنبي:
كقُلُوبِهِنَّ إِذَا الْتَقِى الْجَمْعان [9] إَنَّ السُّيُوفَ مع الَّذِين قُلُوبُهُمْ
مِثْل الجُبانِ بِكَفِّ كُلِّ جبانِ [10]ِ تلقَى الحُسَامَ على جراءَةِ حدِّه
(2) وقال في المديح:
خِلعُ الأَميرِ وحقَّهُ لَمْ نَقْضِهِ [11] فَعَلَتْ بنَا فِعْل السماءِ بِأَرْضِهِ
(3) وقال:
وَلا رُسُلٌ إِلاَّ الْخَمِيسُ العَرمرم [12] ولا كُتْبَ إِلا المشرفِيَّهُ عِنْدهُ
(4) وقال:
كفاها فكانَ السَّيْف والكفَّ والقَلْبَا [13] إذا الدولةُ اسْتكفتْ بهِ في مُلِمَّةٍ
(5) قال صاحب كليلةَ ودمنة:
مال كالأسد يُهابُ وإِن كان رابضاً [14] . الرجُل ذو المروءَة يُكْرمُ على غير
ـأَبْرار طاهِرةٌ نَقِيَّهْ [15] (6) لكَ سِيرةٌ كَصحِيفَة الْـ
(7) المالُ سَيْفٌ نَفْعاً وضَرًّا.
(8) قال تعالى: {ولهُ الجوَارِ المنْشَآتُ فِي البحْرِ كالأَعلام [16] }.
(9) قال تعالى: {فَتَرى القوْم فِيهَا صَرعى كَأنَّهُمْ أعجازُ نخْلٍ خاوِيةٍ [17] }.
(10) قال البُحْتُرِى في المديح:
نَا شَبيهاً بِك الرَّبيعُ الجديدُ ذَهبتْ جدَّةُ الشِّتاءِ ووافا
يتَقضى وأَنتَ لِلِعيدِ عِيدُ ودنَا العِيدُ وهو لِلنَّاسِ حتى
(11) قال تعالى: { ألَمْ تَر كيفَ ضَرب اللهُ مثلاً كلِمةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طيِّبة [18] أصْلُها ثَابتٌ وفَرْعُهَا فِي السَّماءِ تُؤتي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ [19] بِإِذنِ ربِّها ويضْرِبُ الله الأَمْثال لِلنَّاسِ لَعلَّهُمْ يتذكَّرُون. ومثلُ كَلِمةٍ خَبِيثَةٍ كشَجرةٍ خبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ [20] مِنْ فَوْق الأرضِ مالَها مِنْ قَرار [21] }.
(12) وقال تعالى: { اللهُ نُورُ السَّمواتِ والأرْضِ مثَل نُورِهِ كَمِشكَاةٍ [22] فِيها مصباحٌ المصْباحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأنَّهَا كَوكَبٌ دُرِّيٌّ [23] يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُباركَةٍ زَيْتُونةٍ لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ [24] يكَادُ زَيتُهَا يُضِئُ ولو لم تَمْسَسْه نَار نُورٌ عَلى نُور [25] يهْدِى اللهُ لِنُورِهِ منْ يشَاءُ وَيضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ واللهُ بِكُلِّ شَيءٍ علِيم }.
(13) القلوبُ كالطير في الأُلفَةِ إِذَا أنِستْ.
(14) مدح أعْرابي رجلاً فقال:
له هِزَّة كهزَّة السيف إذا طَرِب، وجُرْأة كجرأة الليثِ إذا غضِب [26] .
(15) ووصف أعرابي أخاً له فقال:
كان أخي شَجراً لا يخلَفُ ثَمرُه، وبحْرًا لا يُخَافُ كَدرُه.
(16) وقال البحْتُرىُّ:
يكَدْنَ يُضِئْنَ لِلسَّاري الظلاَما قُصُورٌ كالكواكِبِ لا معَاتٌ
(17) رأىُ الحازم ميزان في الدّقَّة.
(18) وقال ابن التعاوِيذي [27] :
غِضاباً في السحاب لها زَئيرُ [28] إِذا ما الرَّعد زَمْجَر خِلْتَ أُسْدًا
(19) وقال السَّريُّ الرَّفَّاء [29] وصف شمعة:
تَحْكى لنا قَدَّ الأَسَلْ [30] مَفْتُولَةٌ مجدُولةٌ
والنارُ فِيها كالأَجْلْ كأَنَّها عُمْرُ الْفتى
(20) وقال أَعرابي في الذم:
لقد صغَّر فلاناً في عيني عِظمُ الدنيا في عينه، وكأَنَّ السائل إذا أَتاه ملَكُ الموْتِ إذا لاقاه.
(21) وقال أَعربي لأمير: اجْعلْني زِماماً من أَزِمَّتِكَ التي تَجُرُّ بها الأَعداءَ [31]
(22) وقال الشاعر:
لِنُفُوسٍ كالليْلِ في الإِظلامِ كَمْ وُجُوه مِثْلِ النَّهارِ ضِياءً
(23) وقال آخر:
إِذ كان حَظّى مِنَّك حظِّى مِنْهُمُ أَشْبهْتَ أَعْدائي فَصِرْتُ أُحِبُّهُمْ
(24) وقال البحتري في المديح:
إِرْهامِهِ والليْثِ في إِقدامِه [32] كالسيف في إِخْذَامِهِ والْغَيْثِ في
(25) وقال المتنبي في وصف شعره:
سَار فَهْو الشَّمْسُ والدُّنيا فَلَك [33] إِنَّ هذَا الشِّعْرَ في الشِّعْر ملَكْ
(26) وقال في المديح:
لكانُوا الظَّلاَمَ وكُنتَ النهارا فَلَوْ خُلِق النَّاسُ مِنْ دهْرِهمْ
(27) وقال في مدح كافور:
رجاءُ أِبي المِسْكِ الكَرِيم وقصُدهُ وأَمْضى سِلاحٍ قَلَّدَ الْمرْءُ نَفْسَهُ
(28) فلان كالمئْذنَة في استقامة الظاهر واعْوجاج الباطن.
(29) وقال السَّريُّ الرَّفَّاء:
فَارْتَدَّ وجْهُ الأَرْض وهْو سماءُ [34] بِركٌ تَحلَّتْ بِالكَواكِبِ أَرْضُها
(30) وقال البُحْتُرِى:
ـتَ سماءً وأَصْبح النَّاسُ أَرْضا [35] بِنْتَ بِالفَضْلِ والعُلُوِّ فأَصْبحْـ
(31) وقال في روضة: